من إيفرو إلى الصين… سفريات جماعة القنيطرة بين الاتفاقيات الغامضة وشراكات بلا مكاسب

30 مايو 2025
من إيفرو إلى الصين… سفريات جماعة القنيطرة بين الاتفاقيات الغامضة وشراكات بلا مكاسب
العربية.ما - الرباط

تلقت جماعة القنيطرة مؤخرا دعوة من بلدية إيفرو (Évreux) الفرنسية لحضور للمهرجان الأخوة والثقافات العالمية، وهو حدث سنوي يجمع آلاف الزوار من خمس قارات وأكثر من أربعين دولة، احتفالا بالتنوع الثقافي من خلال العروض الموسيقية والرقصات العالمية وتذوق الأطعمة التقليدية والصناعات اليدوية.

ورغم أن المشاركة في هذا الحدث قد تبدو فرصة لتعزيز العلاقات الدولية والتبادل الثقافي، إلا أن الرأي العام القنيطري انقسم حول هذه “السفرية”، التي وُصفت من طرف بعض المتابعين بأنها مجرد نزهة سياحية خارج أرض الوطن دون أي برنامج عمل واضح أو اتفاقية موقعة تعود بالنفع المباشر على الساكنة.

بل إن بعض التساؤلات طرحت بحدة على مواقع التواصل الاجتماعي، من قبيل، هل تم توقيع اتفاقية جديدة مع بلدية إيفرو؟ ما مضمون هذه الاتفاقية إن وُجدت؟ ما الهدف من هذه الرحلة؟ لماذا لم يُنشر أي بلاغ رسمي أو تفاصيل عن الزيارة؟ كيف لم يشر حتى الموقع الرسمي لمدينة إيفرو إلى حضور وفد قنيطري لهذا المهرجان؟

وذهب آخرون إلى حد اعتبار المشاركة هدرا للزمن التنموي بالمدينة، في ظل غياب رؤية واضحة أو نتائج ملموسة، خاصة وأن المهرجان هو حدث سنوي دأبت بلدية إيفرو على تنظيمه منذ سنوات، ولا يرتبط بأي شراكات إنمائية أو اتفاقيات تعاون ملموسة.

الزيارة لم تكن الأولى… فماذا تحقق سابقا؟

ما يعمّق هذا الجدل هو أن وفودا من بلدية إيفرو الفرنسية سبق أن زارت القنيطرة خلال الأشهر الماضية، والتقت بمسؤولين محليين، ما كان يفترض أن يكون تمهيدا لاتفاقيات واضحة تهم مجالات التعاون في الصحة، الرياضة، التعليم، والتكوين المهني. لكن غياب المتابعة والتواصل من طرف جماعة القنيطرة أبقى تلك الزيارات في دائرة الغموض.

 

البداية في عهد عزيز رباح: التأسيس لتعاون مؤسسي

في 07 ماي 2018، تم توقيع مذكرة تفاهم بين بلدية القنيطرة وبلدية إيفرو الفرنسية، خلال فترة رئاسة السيد عزيز رباح لجماعة القنيطرة. وقد هدفت هذه الاتفاقية إلى تعزيز الروابط المؤسسية بين المدينتين، وبناء جسور للتعاون والصداقة بين ساكنتهما، من خلال تبادل الزيارات والوفود والتجارب الناجحة في تدبير الشأن المحلي.

 

هذا الاتفاق شكل الانطلاقة الفعلية لتعاون دولي لامركزي، يقوم على أساس تنمية القدرات وتعزيز التضامن بين المدن.

 

في عهد أنس البوعناني: توسيع مجالات التعاون والانفتاح على الشراكة الثلاثية

عرفت الشراكة بين القنيطرة وإيفرو في عهد الرئيس أنس البوعناني تطورًا ملموسًا، حيث أبدت بلدية إيفرو رغبتها في إرساء تعاون عملي مع مختلف الفاعلين المحليين في مجالات حيوية، أهمها:

قطاع الصحة

بقيادة السيدة بالاديتشيف، مديرة مستشفى “لاموس”، وتم التركيز على:

التبرع بالمعدات الطبية

تنظيم برامج لتكوين وتبادل الموظفين بين المؤسسات الصحية

قطاع الرياضة

بقيادة السيد مونجريفيل، رئيس نادي “Évreux FC 27″، حيث تم الاتفاق على:

– تدريب الأطر والمشرفين الرياضيين

– تنظيم تربصات داخلية للرياضيين الشباب

– دعوة الفرق القنيطرية للمشاركة في بطولات دولية للفئات أقل من 13/14/15 سنة

قطاع التعليم العالي

بشراكة مع السيد لو ديرف، مدير المعهد الجامعي للتكنولوجيا في إيفرو (IUT)، وشمل:

– تبادل الطلاب والأساتذة

– تطوير مشاريع بحثية مشتركة بين مؤسسات التعليم العالي

العمل الإنساني

بشراكة مع السيد بيرتون، رئيس جمعية “يورماروك”، وركز التعاون على:

– دعم الأعمال الإنسانية في القنيطرة

– تقديم المساعدات اللوجستية

– التبرع بالمعدات لفائدة الجمعيات المحلية

 

اتفاق ثلاثي: القنيطرة – إيفرو – روسلسهايم

في إطار توسيع الشراكة، تم إطلاق مشروع تعاون ثلاثي ضم مدينة روسلسهايم الألمانية إلى جانب القنيطرة وإيفرو.

وقد احتضنت مدينة روسلسهايم في أكتوبر 2022 اجتماعا هاما ضم ممثلين عن المدن الثلاث، لمناقشة آفاق التعاون الثلاثي، وتناول اللقاء مواضيع استراتيجية، منها:

– تبادل الطلاب بين الجامعات التقنية

– تجاوز الصعوبات الإدارية المرتبطة بالحصول على التأشيرة والسكن

– إطلاق مشاريع مشتركة في مجال الهيدروجين والطاقة النظيفة

– تطوير مبادرات المدينة الذكية والتنقل الكهربائي

– إدارة النفايات الحضرية وتدويرها

– البحث عن شركاء مؤسساتيين لتمويل المشاريع

– تسهيل ولوج المستثمرين المغاربة والأوروبيين للأسواق المشتركة

وتعلّقت المناقشات الرئيسية بين السيد باوش (عمدة روسلسهايم) والسيد مصطفى الكامح (نائب رئيس جماعة القنيطرة) برؤية شاملة لإرساء شراكة مستقبلية ثلاثية مع مدينة إيفرو، وتحديد مشاريع قابلة للتنفيذ في الأمد القريب.

وقد عرف الاجتماع حضور شخصيات وازنة، أبرزها:

– الأستاذ الدكتور جلوكنر – عميد جامعة راين ماين التقنية في روسلسهايم

– السيدة شوستر – رئيسة العلاقات الدولية بالجامعة

– السيد رادل – رئيس قسم العلاقات الدولية بمدينة إيفرو

– السيد مصطفى الكامح – نائب رئيس جماعة القنيطرة

– السيد باوش – عمدة مدينة روسلسهايم

 

في عهد أمينة حروز: تثبيت الشراكة وتوسيع آفاقها

واصلت رئيسة جماعة القنيطرة، أمينة حروزة، تعزيز هذه الشراكة، حيث تم في 12 أبريل 2025 التوقيع على اتفاقية استراتيجية جديدة مع مدينة إيفرو، خلال حفل رسمي احتضنه مقر جماعة القنيطرة، بحضور وفد فرنسي رفيع المستوى وشخصيات مدنية ومجتمعية.

 

وتهدف الاتفاقية إلى تعميق التعاون في مجالات متنوعة، تشمل:

– التنمية الحضرية المستدامة

– حماية البيئة

– التكوين المهني والتأهيل

– الثقافة والفنون والرياضة

– الرياضة والتبادل الشبابي

– تبادل الخبرات في تدبير الشأن المحلي

 

ويبقى التساؤل مشروعا حول أهمية هذه الاتفاقيات والشراكات التي امتدت لسنوات مع جماعة إيفرو، في ظل غياب أثر ملموس يعود بالنفع على ساكنة القنيطرة. وبينما ينتظر الشارع القنيطري توضيحات بشأن طبيعة وتفاصيل الزيارة الأخيرة إلى مدينة إيفرو الفرنسية، تتردد أنباء عن زيارة مرتقبة إلى دولة الصين، دون أي تأكيد رسمي أو معلومات دقيقة حتى الآن، ما يفتح الباب أمام الشكوك. كل ذلك يزيد من الحاجة إلى مزيد من الشفافية، وربط هذه التحركات الخارجية ببرامج واضحة ونتائج قابلة للتقييم.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.