تضطلع هذه اللوحة بمجموعة من الجماليات التي تخص رسم الخط حروفيا بفنية ساحرة وبتداعيات فنية تُثري المجال الحروفي بفيض من سحر المادة الجمالية المرصعة بجماليات الخط المعاصر وصناعته الرائقة وفق لعبة الأبيض والأسود في سياقها الفني المفعم بالتقنيات الحديثة. إذ تستند مختلف الجماليات التي تتبدى في الشكل واللون؛ على رؤى فنية عميقة الدلالات. حيث إن المادة الحروفية في اللوحة التي بُني عليها مجال الشكل في نطاق لوني ممزدزج ومتناقض تستقي من المفاهيم الشكلية المعاصرة مختلف الانجازات الفنية الموسومة بتقنيات جديدة، في نطاق يبعث الجمال ويتمثل الكُلّ الفني، لتتمظهر الصورة الجمالية في اللوحة عامرة بالمقومات الخطية والسحر الحروفي، وجدلية اللون الأبيض والأسود في مستواهما المعاصر.
وبذلك فإن هذه اللوحة تقتنص الجديد الفني في مساحة تشكيلية وفق وحدات بنائية. لأن عمليات التشكيل البنائي تحرك الشكل المباشر باللونين الموظفين في بؤرة خطية تنتج عنها معاني ودلالات ذات قيمة فنية كبيرة، تخطت الجاهز المستهلك وقامت على إرساء منجز حروفي معاصر يقوم على التقنية والخط والحروفية والملمس واللون، ويسود فيه التوليف والانسجام بين مختلف العناصر الفنية والجمالية والمفردات الخطية والحروفية. إنه منحى تجديدي يتشكل وفق التخييل الجمالي، ما يؤثر على عمليات التوظيف الشكلي الحمّال لأوجه من المسالك الجمالية التي تتيح للبناء البصري صياغة مساحة فنية بمخزون إبداعي قوامه الحرف والخط، واللونين: الأبيض والأسود. وبأسلوب حروفي ممنهج يوفر قيما جمالية بأبعاد فنية.
وهو ما يجعل هذه اللوحة تشكل فنا مرئيا تتذوقه الرؤية البصرية بصيغة حسية على اختلاف الوسائط التعبيرية المُستخدمة في العملية الإنتاجية، بطبيعة مفرداتها الفنية الجديدة، وبمقومات حروفية ولونية عميقة الدلالات، وبأسلوب معاصر. ويتخذ هذا المسلك الفني والجمالي من جميع تلك العناصر والمفردات مادة حروفية لبناء شخصية اللوحة بتنوع في المضامين ببناء تركيبي يتداخل فيه اللون الأبيض والأسود والحروفيات، ووفق توظيف محكم بتحويل أبجدية الشكل واللون والحرف إلى أسلوب تعبيري غزير المعاني. وهو ما يجعل هذه اللوحة تشكل عنصرا فاعلا يسمح بخروج المادة الحروفية إلى حيز الوجود الحسي والبصري بكثير من المهارات والتقنيات العالية. كما أن صناعة بؤرة شكلية تتداخل فيها مجموعة من العناصر والمفردات الفارقية؛ يؤشر على عمق التصور الإبداعي الذي لا تتوقف في الحروفيات عند حد معين، بل تمتد في شكل اللوحة وفي الفضاء على نحو من الإبداع الذي يبعث الحركة بشكل دقيق ومنظم، فيبعث سمفونية بإيقاعات حرفية تخترق الحس والبصر وفق مجموعة من العلاقات داخل الشكل الواحد. وهذا في حد ذاته وسيلة للتعبير وفق لوحة فنية معاصرة لم تُغفل البُعد الجمالي، وتستجيب في الآن نفسه للأبعاد الرؤيوية في شقها الثقافي والفني والجمالي والتقني.
إن هذا العمل يتسم بجمالية غير محدودة، وبلغة حروفية تبزغ من التأثير اللوني الفارقي الذي يحدده الأبيض والأسود بتعدد في المفردات الدلالية، التي توحي بالمعنى الأمثل في سياق إبداعي وجمالي، فهذا العمل يترابط على نحو جمالي يرصد اللون الفارقي والحرف بخلفيات فنية ودلالية، يعجّ بالإيحاءات والإشارات والمعاني التي تُعزز الوجود الخطي، ويرقى بالمادة الحروفية إلى مستوى يباشر البصر والإحساس على حد سواء ويتربع في صفوة اللوحات العالمية المعاصرة.