في مدينة مراكش العريقة، يحافظ الناس على تقاليد وموروثات قديمة تعكس تاريخ وثقافة هذه المدينة الساحرة. ومن بين هذه الموروثات التي ما زالت حية حتى يومنا هذا، وصفة “القديد” لحفظ اللحوم والاحتفاظ بها لفترات طويلة.
القديد هو إحدى طرق التجفيف والتمليح التقليدية للحوم، والتي تم تطويرها عبر القرون في مراكش. وتبدأ عملية إعداد القديد بانتقاء قطع اللحم الأكثر جودة، عادةً من لحوم الماعز والأغنام. يتم بعد ذلك فرك اللحم بالملح الخشن، ثم تعليقه في أماكن جيدة التهوية لتجفيفه تحت أشعة الشمس.
وبفضل هذه العملية، يمكن الاحتفاظ باللحم لمدة تصل إلى ستة أشهر دون التأثير على طعمه أو قوامه. وتُعتبر وصفة القديد من الطرق الأكثر فعالية في الحفاظ على اللحوم في المناخ الحار والجاف لمدينة مراكش.
ويعتبر القديد ليس مجرد طريقة لحفظ اللحوم، بل هو أيضًا جزء لا يتجزأ من الثقافة والتقاليد المراكشية الأصيلة. فهو يجسد المعرفة والخبرة التي تراكمت عبر السنين، والتي تنتقل من جيل إلى جيل في هذه المدينة التاريخية. وبهذا، فإن القديد هو إرث ثقافي ثمين يجب المحافظة عليه والاحتفاء به.
القديد وارتباطه بالوجبات التقليدية المراكشية:
إن القديد، وهو أسلوب حفظ اللحوم التقليدي في مراكش، ليس مجرد طريقة للتخزين والحفظ، بل هو أيضًا جزء لا يتجزأ من المطبخ والوجبات التقليدية لهذه المدينة.
في المطبخ المراكشي، يتم استخدام القديد بشكل واسع في العديد من الأطباق الشهيرة. فمثلاً، في طبق الطاجين – وهو الطبق الرئيسي في المأدبة المراكشية – يتم استخدام قطع من القديد إلى جانب الخضر لإضفاء نكهة فريدة وإثراء النكهات.
كما يُستخدم القديد أيضًا في إعداد بعض الأطباق الشعبية الأخرى مثل الفطائر المحشوة، وهي فطيرة محشوة باللحم والبيض والبهارات. هنا، يضيف القديد طبقة إضافية من النكهة العميقة والقوية إلى هذا الطبق التقليدي.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام القديد في تحضير القطاني كالحمص والفاصوليا، حيث يضفي طعمًا لذيذًا ونكهة مميزة على هذه الأطباق.
وبهذا، يتضح أن القديد ليس مجرد طريقة لحفظ اللحوم، بل هو أيضًا أحد المكونات الأساسية في المطبخ المراكشي التقليدي. فهو يساهم في إثراء النكهات وإضفاء طابع فريد على الأطباق المحلية الشهيرة في هذه المدينة العريقة.