في زحام الساحة الدولية وأروقة الاجتماعات الدبلوماسية، حيث يُرسم مستقبل الدول وتُناقش القضايا المصيرية، طفت على السطح حادثة مثيرة للاهتمام تُثير تساؤلات جدية حول مدى قوة الأجهزة الاستخباراتية وقدرتها على استباق الأحداث. والأمر يتعلق بحادثة اليابان الأخيرة التي شهدت حركة غير مسبوقة من طرف ممثل جبهة البوليساريو، التي سلطت الضوء على نقطة مثيرة للجدل: كيف تمكنت المخابرات المغربية من معرفة محتويات حقيبة ممثل البوليساريو، وتحديدا اللافتة المثيرة للجدل التي كُتب عليها “جمهورية الصحراء الوهمية”، والتي ظهرت فوق الطاولة في لحظة خاطفة؟
الجواب على هذا السؤال قد يكون أبسط مما نتوقعه، أوأعقد مما نستطيع تخيله. لكن الحقيقة الواضحة هي أن المغرب يمتلك جهاز استخباراتي قوي، قادر على اختراق حتى أكثر السيناريوهات تعقيدًا. في عالم الاستخبارات، فالمعلومات تُعتبر القوة الحقيقية، وكلما كانت هذه المعلومات دقيقة وآنية، كانت اليد العليا لمن يمتلكها.
نتخيل هذا المشهد: يجلس ممثل البوليساريو في قاعة الاجتماع، مطمئنًا إلى أنه يحمل في حقيبته “مفاجأة” قد تُربك الحسابات وتُربك الأوراق. ولكن ما لم يكن يعرفه هو أن عيون الاستخبارات المغربية كانت تراقبه عن كثب، وربما منذ لحظة دخوله المطار. فهل كانت هناك عملية مراقبة دقيقة؟ هل تم زرع أجهزة استماع أوحتى كاميرات مخفية؟ أم أن هناك مصادر داخلية تمكنت من تسريب المعلومات في اللحظة المناسبة؟ هذه الأسئلة تبقى معلقة، لكنها تفتح الباب على مصراعيه أمام حقيقة واحدة: وهي أن المخابرات المغربية لم تترك شيئًا للصدفة.
وما زاد الطين بلة هو وجود شخص قام بتوثيق هذه اللحظة الحاسمة من البداية إلى النهاية. تصوير لم يكن عفويًا، بل مخطط له بعناية، ليتم تسريب الصور والفيديو في التوقيت المثالي، ليكشف للعالم أن أي محاولة للتلاعب أوخلق الفوضى تحت الطاولة لن تمر مرور الكرام.
فالرسالة كانت واضحة: من يلعب في الظل يجب أن يكون مستعدًا ليواجه الضوء. وهذه المرة، كان الضوء كاشفًا، والفيديوهات والصور تتحدث بصوت أعلى من أي بيان رسمي.
وفي هذه الحادثة التي أثارت تساؤلات عديدة حول قدرات الأجهزة الاستخباراتية المغربية، تصدّر مشهدها في اليابان عناوين الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، حينما تم الكشف عن تدخل أمني مغربي دقيق حال دون تمرير رسالة سياسية خطيرة. وفي ظل هذه الأحداث، يُطرح السؤال: كيف علمت المخابرات المغربية بوجود لافتة في حقيبة ممثل البوليساريو مكتوب عليها “جمهورية الصحراء الوهمية”؟ ومن هو المسؤول الحقيقي عن هذا التدخل؟
تفاصيل الحادثة:
أثناء إحدى الفعاليات الدبلوماسية الدولية في اليابان(تيكاد)، كان ممثل جبهة البوليساريو يستعد لوضع لافتة مكتوب عليها “جمهورية الصحراء الوهمية” على الطاولة أمامه، خلسة ودون علم بقية الحضور. لكن، وعلى غير المتوقع، كان هناك شخص يوثق الحدث بكاميرته منذ البداية وحتى النهاية. وبشكل مفاجئ، تدخل الجانب المغربي بحرفية عالية، مما أثار التساؤلات حول كيف علموا بمحتوى الحقيبة قبل أن يتم الكشف عنه.
التحليل الاستخباراتي:
ما وقع في اليابان يُظهر بوضوح قدرات المخابرات المغربية المتقدمة. فالأمر هنا ليس مجرد صدفة أوحظ، بل هو نتاج لعمل استخباراتي دقيق ومخطط له بعناية. قد تكون الأجهزة المغربية قد اعتمدت على عدة أدوات لاختراق محيط خصومها، سواء عبر تقنيات حديثة في المراقبة والتجسس، أومن خلال شبكات معلوماتية تخترق الدوائر المغلقة.
الحقيقة هنا تكمن في أن المغرب، المعروف بدقة عمل مخابراته وتفوقها إقليمياً، قد يكون لديه معرفة مسبقة بتحركات وأدوات خصومه، بل وحتى ما تحتويه حقائبهم الشخصية. فليس من السهل على أي جهة أن تتحرك دون أن تكون تحت المجهر المغربي، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضية حساسة مثل الصحراء.
السؤال المطروح: ما علاقة الجزائر؟
لكن السؤال الأكبر الذي يطرح نفسه هنا هو: ما علاقة المسؤولين الدبلوماسيين الجزائريين بهذه الحادثة؟ ولماذا تتدخل الجزائر، التي يفترض أنها ليست طرفاً مباشراً في هذا الاشتباك الدبلوماسي، في مثل هذه القضايا؟
الجواب قد يكمن في التورط العميق للجزائر في دعم جبهة البوليساريو، ومحاولة لعب دور كبير في الملف الصحراوي على الساحة الدولية. فالجزائر، المعروفة بمواقفها الصارمة تجاه قضية الصحراء، ربما تكون قد أعطت الضوء الأخضر لمثل هذه التحركات، أوعلى الأقل كانت على علم بها، مما يفسر تدخلها في هذه اللحظات الحرجة.
ورغم محاولاتها التهرب من المسؤولية، يبدو أن الأيادي الجزائرية كانت واضحة في هذه العملية، سواء من خلال التنسيق أوالدعم اللوجستي أوحتى بإعطاء توجيهات سياسية.
خلاصة القول: ما حدث في اليابان لا يمكن أن يُنظر إليه كحادثة عابرة أومجرد صدفة. فهو رسالة واضحة للجميع: أن المغرب يعرف جيداً كيف يحمي مصالحه الوطنية، ويبدو أن أجهزته الاستخباراتية حاضرة بقوة في أي مكان وأي زمان. أما الجزائر، فلا يمكنها أن تنكر علاقتها الوثيقة بكل ما يجري على هذا المسرح، رغم محاولاتها المتكررة للابتعاد عن الأضواء.
وفي النهاية، تبقى الحقيقة البارزة أن المغرب أصبح رقماً صعباً في المعادلة، ولن يكون من السهل على أي طرف تجاوزه أوالتفوق عليه، سواء في ميدان الدبلوماسية أوالاستخبارات.