أعلن مصطفى الخصم، الرئيس السابق لجماعة إيموزار كندر، استقالته من منصبه بعد فترة مليئة بالصراعات والتوترات داخل المجلس الجماعي. وجاء هذا القرار عقب سلسلة من المواجهات مع أعضاء المجلس الذين عارضوا سياساته، خاصة بعد رفضه التوقيع على قرارات تخدم مصالحهم الشخصية على حساب المصلحة العامة. وكان الخصم، البطل العالمي السابق في رياضة الكيك بوكسينغ، قد عاد إلى المغرب مدفوعًا بروح وطنية ورغبة صادقة في خدمة جماعته، لكنه اصطدم بجدران مقاومة التغيير، ما حال دون تنفيذ مشاريعه التنموية.
ولم تقتصر الضغوط التي تعرض لها الخصم على الخلافات السياسية داخل المجلس، بل امتدت إلى رفع شكاوى ضده من قبل سلطة الرقابة، في محاولة لتقييد تحركاته وإعاقة مساعيه الإصلاحية. رغم ذلك، عاد الخصم إلى ممارسة مهامه بإصرار واضح، مجسدًا ذلك باستخدامه دراجة “سكوتر” كوسيلة تنقل إلى مقر الجماعة، في رسالة رمزية تعكس تصميمه على الاستمرار في خدمة الساكنة بروح وطنية صادقة. إلا أن الضغوط استمرت، حيث تفاقمت مع توالي شكاوى، وُصفت بـ”المغرضة”، من طرف بعض العمال العرضيين، ما زاد من تعقيد الوضع، ودفعه في النهاية إلى إعلان استقالته عبر فيديو ظهر فيه متأثرًا، متحدثًا بمرارة عن تجربته السياسية.
وكانت جملته الشهيرة: “السياسة أوسخ من الرياضة” تعبيرًا واضحًا عن خيبة أمله، وتجسيدًا لما تعانيه المجالس المنتخبة من صراعات شخصية تعيق التنمية المنشودة.
وفي إطار التحليل القانوني لهذه القضية التي شغلت الرأي العام، قدم المحامي صبري الحو، الذي تولى الدفاع عن الخصم، قراءة معمقة للأحداث. وقال في تصريح لـ”منظور بريس”: “قضية مصطفى الخصم أمام النيابة العامة بصفرو تبدو بسيطة من حيث المظهر، لكنها معقدة في جوهرها، إذ تتجاوز أطرافها المباشرين، لتفتح نقاشًا أوسع حول العلاقة بين الجماعات الترابية والإدارة المركزية، وسلطة الوصاية والرقابة، فضلاً عن قضايا الصفقات العمومية، والفعل الحزبي، واستقلال القضاء، والمواطنة المسؤولة، وواقع الإعلام في المغرب.”
من خلال هذا التحليل، يتضح أن استقالة الخصم ليست مجرد انسحاب فردي، بل تعكس إشكالات أعمق في تدبير الشأن المحلي، حيث تتصادم الطموحات الإصلاحية مع المصالح السياسية الضيقة، ما يطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل التدبير الجماعي بالمغرب.