في مدينة سيدي إفني، حيث يلتقي عبق البحر بروح الإبداع، تبرز تجربة الفنانة التشكيلية سهام صادق كأحد الوجوه النسائية التي اختارت أن تجعل من الفن طريقاً للحياة والتعبير. فنانة عصامية بدأت من الصفر، وبخطى ثابتة استطاعت أن تشق لنفسها مساراً فنياً مميزاً يجمع بين الأصالة والابتكار.
في هذا الحوار الشيق، تفتح سهام صادق قلبها لتحدثنا عن بداياتها، وشغفها الأول بالألوان، ومسارها الذي انطلق من المدرسة الابتدائية وصولا إلى المعارض الوطنية والدولية. كما تتحدث بصراحة عن واقع الحركة التشكيلية في سيدي إفني، وعن التحديات التي تواجه الفنانين الشباب، لتؤكد أن الفن بالنسبة لها ليس ترفا، بل رسالة ووسيلة للتغيير.
من خلال هذا اللقاء، نتعرف على فنانة اختارت أن تحول شغفها إلى طاقة إيجابية تترجمها بأناملها إلى لوحات نابضة بالحياة، مستوحاة من الطبيعة، والبحر، والإنسان، ومن تفاصيل الحياة اليومية في مدينتها التي لا تزال تشكل مصدر إلهامها الأول.

حاورها : الإعلامي نزيه بنقاسم
بداية، من هي سهام صادق؟ وكيف كانت خطواتك الأولى في عالم الفن التشكيلي؟
سهام صادق فنانة تشكيلية عصامية من مدينة سيدي إفني، عشقت الفن منذ الصغر، وبالضبط من المرحلة الابتدائية، حيث كنت أرسم وأبدع في كل ما يتعلق بالفن كالكروشي ونقش الحناء وصناعة الأساور وغيرها، لكن الرسم كان هو الأقرب لقلبي والأوضح في شخصيتي. مع مرور الوقت، طورت نفسي بنفسي من خلال الممارسة والتجريب إلى أن أصبحت أرسم البورتريهات وأحول هذه الموهبة إلى مصدر يساعدني على شراء لوازم الرسم وتطوير أدواتي.
2. متى اكتشفتِ ميولك الفنية؟ وهل كان للعائلة أو المدرسة دور في تشجيعك؟
اكتشفت ميولي الفنية منذ سنوات الابتدائي، حيث كنت أجد راحتي في الرسم أكثر من أي شيء آخر. أما في الإعدادي، فكان عندي أستاذ مميز جداً آمن بموهبتي وشجعني في كل خطوة، وكان يقول لي دائماً: “أي حاجة تحتاجيها فقوليها ليا”. كان هذا التشجيع دافعاً كبيراً خلاني نآمن بقدراتي وأطورها أكثر.

3. كيف تصفين مسارك الفني من البدايات إلى اليوم؟
مساري الفني رحلة طويلة من الشغف والإصرار والصبر. بدأت بخطوات بسيطة، ثم تطورت تدريجياً إلى أن أصبحت أشارك في معارض وملتقيات فنية وطنية ودولية ولله الحمد. كل مرحلة كانت تجربة أتعلم منها شيئاً جديداً، واليوم أعتبر نفسي فنانة ناضجة فكريا وتقنيا، لكن مازلت أتعلم لأن الفن عالم لا ينتهي.
4. هل كانت هناك تجارب أو محطات محددة شكلت تحولا في أسلوبك الفني؟
نعم، مشاركتي الأولى في ملتقى دولي للفنون التشكيلية بمراكش كانت نقطة تحول كبيرة في مساري. من خلالها اكتسبت الثقة في النفس، وتلقيت آراء إيجابية من فنانين كبار شجعوني أكثر على العطاء. أيضاً، اشتغالي مع فنانين محترفين وتعلمي منهم كان له تأثير واضح على أسلوبي وتقنياتي.
5. ما الذي يميز أعمالك التشكيلية عن غيرها؟
أعتقد أن ما يميز لوحاتي هو العفوية والتعبير الصادق. لا أرسم من أجل الزخرفة أو الجمال فقط، بل أحاول أن أنقل إحساسي الحقيقي من خلال الألوان والخطوط. كل لوحة عندي تحمل جزءاً مني، من روحي ومن يومياتي، لذلك تكون قريبة من الناس.
6. من أين تستلهمين مواضيعك الفنية؟ وهل للبيئة المحلية في سيدي إفني تأثير واضح على أعمالك؟
نعم، بطبيعة الحال سيدي إفني تلعب دوراً كبيراً في إلهامي. بحرها، طبيعتها، وألوانها الخاصة كلها تنعكس في لوحاتي.
7. ما هي التقنيات أو المواد التي تفضلين العمل بها؟ ولماذا؟
أفضل الرسم بالأكريليك والزيت، لأنهما يتيحان لي حرية في التحكم باللون والملمس، كما أن نتائجهما قوية ومعبرة. أحياناً أدمج بين أكثر من تقنية حسب الفكرة التي أريد إيصالها.

8. إلى أي مدى تعكس لوحاتك مشاعرك الشخصية أو قضايا المجتمع؟
لوحاتي تعكس الاثنين معاً. أحياناً تكون انعكاساً لمشاعري الداخلية، وأحياناً أخرى تكون صرخة أو رسالة حول قضية تهمني كمواطنة وكإنسانة.
9. كيف ترين واقع الحركة التشكيلية في مدينة سيدي إفني اليوم؟
الحركة التشكيلية في سيدي إفني تعرف إقصاء ملحوظ لذى الشباب الموهوبين الذين بدأوا يغيرون وجهتهم إلى اماكن تحتضنهم، سيدي إفني مازالت تحتاج إلى دعم أكبر وإلى فضاءات عرض وتنظيم مستمر للملتقيات والمعارض.
10. ما أبرز التحديات التي تواجه الفنانين التشكيليين في المنطقة؟
من أبرز التحديات: انعدام الدعم، وغياب الفضاءات الفنية المجهزة.
11. برأيك، ما الذي تحتاجه المدينة لتطوير المشهد الفني المحلي؟
تحتاج المدينة إلى معهد أو مركز خاص بالفنون التشكيلية، وإلى مبادرات من الجماعات المحلية لتنظيم معارض دورية وتشجيع الفنانين الشباب. كما نحتاج إلى إشراك الفن في الحياة اليومية للمدينة.
12. هل تجدين دعماً كافياً من المؤسسات أو الفاعلين الثقافيين في المنطقة؟
لم أتلقى دعما أبدا كل مجهوداتي كانت بعرق جبيني واتحمل مسؤولية ما أقول
13. ما الرسالة التي تحاولين إيصالها من خلال أعمالك الفنية؟
رسالتي هي أن الفن طاقة إيجابية قادرة على التغيير وعلى زرع الأمل.
14. كيف تنظرين إلى دور الفن التشكيلي في المجتمع؟
الفن التشكيلي له دور كبير في تهذيب الذوق ونشر الوعي. هو مرآة تعكس ثقافة المجتمع وحالته، وأداة قوية للتعبير عن قضاياه بطريقة راقية ومؤثرة.
15. هل تعتبرين الفن وسيلة للتعبير فقط، أم أداة للتغيير أيضاً؟
الاثنين معاً. أعبّر من خلاله عن نفسي، لكني أؤمن أنه يمكن أن يكون وسيلة للتغيير في الفكر والمجتمع، لأن اللوحة الصادقة تلامس القلب وتزرع فكرة.
16. حدثينا عن مشاريعك أو معارضك الحالية والمستقبلية.
حالياً أشتغل على مجموعة لوحات جديدة مستوحاة من التراث المغربي، وأستعد للمشاركة في تظاهرات فنية داخل المغرب إن شاء الله. كما أطمح لتنظيم معرض شخصي يجمع مختلف مراحل تطوري الفني.
17. هل تفكرين في تنظيم ورش أو مبادرات فنية لفائدة الشباب أو الأطفال؟
سبق ونظمت مجموعة من الورشات للأطفال لكن الحلم الاكبر هو يكون فضاء ثقافي يشمل مجموعة من الورشات خصوصا بمدينة سيدي افني
18. ما هو حلمك الأكبر كفنانة تشكيلية من سيدي إفني؟
حلمي الأكبر هو أن أرفع اسم مدينتي عالياً في الساحة الفنية الوطنية والدولية، وأن أكون مثالاً يُحتذى به لكل شاب وشابة عندهم الموهبة سواء فالفن او مجال آخر
19. هل تفكرين في خوض تجارب خارج المغرب أو التعاون مع فنانين دوليين؟
أكيد، التعاون الفني مع فنانين من بلدان أخرى حلم جميل لأنه يفتح الأفق ويخلق تبادل ثقافي راقٍ وغني.
20. كلمة أخيرة لجمهورك ولعشاق الفن التشكيلي.
شكراً لكل من يؤمن بالفن ويقدّر الفنان. رسالتي أن نحافظ على الجمال داخلنا، لأن الفن ليس ترفاً بل حاجة إنسانية.


















