عزز قطاع الأمن السيبراني موقعه داخل السوق الرقمية المغربية، بعدما ارتفعت قيمته إلى 1.2 مليار دولار، مدفوعا بتوسع التحول الرقمي وتزايد استثمارات المؤسسات الحكومية والخاصة في حماية بياناتها ورفع جاهزيتها الرقمية. ويعكس هذا النمو المتسارع انتقال الأمن السيبراني من خانة “الخدمة التقنية” إلى مجال اقتصادي يدر أرباحا متزايدة ويستقطب فاعلين دوليين.
وأبرز تقرير “Morocco Cybersecurity (MDR & SOC) Market” الصادر عن مؤسسة Ken Research أن السوق الوطنية أصبحت خلال السنوات الأخيرة من بين أسرع الأسواق نموا في المنطقة، مستفيدة من الارتفاع المهم في الاعتماد على الأنظمة المعلوماتية والخدمات السحابية، وهو ما خلق طلبا كبيرا على حلول الحماية المتقدمة التي تشكل اليوم أحد أكثر القطاعات ربحية في مجال التكنولوجيا.
وشكل إطلاق الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني سنة 2023 نقطة تحول في بنية القطاع، بعد إحداث الوكالة الوطنية للأمن السيبراني التي ضخت استثمارات بقيمة 100 مليون دولار لتطوير البنية الرقمية وتعزيز التعاون مع القطاع الخاص. وساهم هذا التوجه في رفع مردودية الشركات العاملة في حلول المراقبة والتحليل والاستجابة، خاصة في الدار البيضاء والرباط وطنجة حيث تتمركز المؤسسات المالية والصناعية الكبرى.
ودفع هذا الإهتمام المتزايد المؤسسات إلى توسيع ميزانياتها الموجهة لحلول الرصد والاستجابة المدارة (MDR)، التي تتصدر اليوم قائمة الخدمات الأكثر ربحية داخل السوق المغربية، إضافة إلى ارتفاع الطلب على خدمات مراكز العمليات الأمنية (SOC) التي أصبحت تعتمدها البنوك، وشركات الاتصالات، والإدارات العمومية، والمجموعات الصناعية الكبرى لرفع مستوى حماية أنظمتها.
وأسهم توسع الخدمات الرقمية داخل الأبناك وشركات التأمين ومؤسسات الاتصالات في تعزيز أرباح الشركات المتخصصة، بعدما أصبحت هذه المؤسسات تعتمد على أنظمة معلوماتية أكثر تعقيدا، ما رفع الحاجة إلى خدمات مراقبة الشبكات وتحليل المخاطر وإدارة الثغرات.
وكشف التقرير،أن مستقبل السوق مرشح لنمو أكبر خلال السنوات المقبلة، بالنظر إلى توقعات التحول الرقمي الذي سيضيف ما يقارب 120 مليار درهم للاقتصاد الوطني، إلى جانب النمو المتسارع لخدمات السحابة التي قد تصل قيمتها إلى 20 مليار درهم، وهو ما يجعل حلول أمن السحابة والخدمات الأمنية المدارة من أكثر المجالات استعدادا لخلق أرباح مضاعفة.
ورجح التقرير أن ترتفع قيمة الاستثمارات في الأمن السيبراني مع تحسن وعي المؤسسات بأهمية حماية بياناتها، ما سيتيح فرصا أكبر للشركات المحلية والدولية، خاصة في ظل تنافسٍ متزايد على سوق تعد اليوم من بين الأقوى في شمال إفريقيا.
ويواصل المغرب ترسيخ مكانته كوجهة إقليمية في مجال الأمن السيبراني، مستفيدا من دينامية استثمارات قوية، وتحولات رقمية عميقة، وإقبال واسع من المؤسسات على خدمات الحماية، ما يجعل القطاع مرشحا لتحقيق أرباح أكبر في السنوات المقبلة وإعادة تشكيل الخريطة الرقمية الوطنية.
