مراكش .. الصحفي و الفنان التشكيلي محمد شيوي يحدثنا عن فهم اللوحة الفنية بين العامة و ذوي الاختصاص

26 أبريل 2024
محمد شيوي
فاطمة دناوي

في حوار شيق لموقع “العربية. ما” مع الصحفي، الخطاط و الفنان التشكيلي محمد شيوي حول الفن التشكيلي، طريقة فهم اللوحة التشكيلية و تفسيرها، صرح لنا بما يلي:

 

لفهم لوحات ما او مجسمات يجب علينا ان نمتلك الحس والذوق الفني لقراءتها، وحتى لا نسقط في لبس الفهم يجب ان نفهم الفن التشكيلي من عدة زوايا ..

 

” هو مجرد من الرسومات المبهمة والغير المفهومة حيث تتشابك خطوطها ورموزها بل ألوانها لا تدل عن مغزى او معنى واضح ” هذا من منظور البعيد عن الفن التشكيلي .

 

لكن من منظور ذوي الاختصاص يفسرونه على أنه فن يعبر عن رؤية شاسعة ترتبط بشكل كبير بالوحي والإبداع والإلهام، وبالتالي يحمل بين طياته دلالات لا يقدرها ويعي معناها إلا كل مدقق ومتابع لكل ما هو جديد في هذا المجال، بجانب ذلك فقد ذهب البعض بهذا الفن إلى مناطق أبعد من ذلك جعلته ينطلق إلى زوايا خارج العالم والواقع والطبيعة، وبالتالي ترجمة مجموعة الرؤى والأفكار الغير تقليدية بطريقة تعبيرية من خلال هذا الفن تجعل هذه الرؤى تنطلق إلى معاني أسمى بكثير من التي يتم التعبير عنها بالألفاظ والكلمات، لكن بالرغم من ذلك فيتطلب استيعاب العامة لهذا الفن ضرورة التدقيق والذهاب بالخيال إلى مراحل بعيدة حتى نفهم المعنى الحقيقي وراء رسومات الفن التشكيلي وهناك عوامل تتسبب في عدم فهمه :

و مما يدفع الكثير من الناس على ان اللوحة التشكيلية من خلال رسومتها أنها تحمل بين طياتها كم كبير من الغموض..

 

هذا الغموض يزيد من درجات الصعوبة في فهم اللوحة ، وحتى نزيل هذا الغموض يجب علينا او يتطلب منا تعلم اللغة القائمة على رؤى وإدراك ورقي مشاعر الفنان التشكيلي، ليتسنى على الجميع استيعاب لغة هذا الفن التي باتت منتشرة حول العالم في ظل التطور الكبير وتعدد المدارس بشكل لافت جعلته ينتشر بصورة كبيرة خلال الفترة الحالية بمختلف دول العالم.

 

كذلك من أجل التعلم والإدراك لفهم معنى لوحة من اللوحات التشكيلية يجب على المهتم، التدريب وتعلم قواعد هذا الفن ليدرك ويسهل عليه قراءة الغموض التي تسيطر على كثير من أعمال هذا الفن التشكيل ..

 

ولتذوق جمالية اللوحة والتوسع في إدراكها يجب تدريب مكثف حتى يتم فهم العمل الفني بشكل احترافي، لكن بالرغم من أن التدريب عنصرًا هامًا إلا أنه يجب أن يكون أحد أهم الأنشطة التي لابد أن يمارسها الفرد في المراحل العمرية الصغيرة وخصوصا ان تبرمج من خلال المناهج المدرسية، والتي بتزايد بها فرص تعلم الفرد بسهولة لمختلف الفنون التي يتم ممارستها في المجتمع.

 

ربما إدراك الرسومات التشكيلية وفهمها بسرعة كبيرة تعود إلى قدرة الفرد المطلع على مثل هذه الأعمال على الرسم باحترافية، فبناء على تصريحات عدد كبير من الخبراء فإن زيادة إدراك مغزى الرسومات التشكيلية يرتفع كلما تزايدت لدى الشخص موهبة الرسم، والتعبير عما يدور بداخله من خلال الرسومات التعبيرية والتشكيلية وليس من خلال الكلام فقط، فكما يطلق البعض على الكلمات بأنها لغة يتم من خلالها فهم الشعر، فإن فالرسوم لغة أيضا نحتاج إلى تعلمها لادارك ما يدور بداخل الفنان من خلال أعماله المبتكرة، حيث أن عدم امتلاك هذه الموهبة يضعف بشكل كبير من فرص إدراك مختلف الأعمال الفنية.

 

كما هو معلوم فإن الفن التشكيلي يعد واحد من أبرز الفنون المعبرة عن القضايا الاجتماعية في المجتمع، يتم التعبير عنها من خلال إجمالي الأعمال الفنية التي يقوم برسمها فناني كل مجتمع، وبالتالي فإن إغفال قضايا المجتمع وعدم الإلمام بها تزيد من صعوبة فهم هذه الأعمال الفنية، ووفق لعدد من الخبراء فقد أشاروا إلى أنه خلال العقود الماضية كان للفن انعكاس على الحياة، وبالتالي كان مرتبطا بشكل وثيق بالقضايا الاجتماعية داخل كل مجتمع، وهو ما زاد من تمسك عدد كبير من الأشخاص بهذا الفن، ليس مجرد هوايته أو الإطلاع على أعماله بل الوصول إلى درجة إتقانه بشكل مميز، جعلهم يبدعون في التعبير عن كثير من قضايا المجتمع.

 

هناك مجموعة من العوامل التي يجب توافرها لدى الأفراد لزيادة وعي ومعرفة وفهم الفن التشكيلي على اعتبار أنه أحد الفنون المتشابكة، ومن أهم هذه العوامل هي الخبرة الكافية التي لا يتم اكتسابها من الكتب والمناهج الدراسية، ولكن تكتسب عبر الزمن ومن خلال الاطلاع على أعمال عدد كبير من الفنانين حول العالم، وبناء على تقديرات عدد من الخبراء

فإن التعمق في مجال هذا الفن يقتضي ضرورة توافر خبرة وثقافة خاصة جدا ليستطيع الفرد فهم وتقبل ولو القليل من معاني ومغزى الرسومات وأعمال الفنانين حول العالم.

 

ربما تمتع أي فرد بالثقافة البصرية المتعلقة بثقافة العين الخبيرة تجعل أي شخص قادر بدرجة كبيرة على الفهم والتمييز والقراءة بين مختلف الأعمال الفنية، وبالتالي تطوير قدرات وإمكانيات أي شخص ليس فقط لفهم الأعمال التشكيلية ولكن لاحترافها أيضا بدرجة قد تمكنه خلال المستقبل القريب من التحول إلى فنان قادر على التعبير عما يدور بداخله برسومات وتعابير تشكيلية تحمل بين طياتها عدد كبير المعاني والأفكار.

 

من الطبيعي أن يتمتع الشخص الساعي إلى فهم و إدراك الفن التشكيلي بالوعي ومعرفة مختلف مدارس هذا الفن، وامتلاك القدرات على تحديد إلى أي مدرسة فنية تنتمي اللوحة التي توجد أمامه، وخلال القرون الماضية تعددت و تنوعت مذاهب هذا الفن، حيث يشير عدد كبير من الخبراء إلى أن التغيرات العديدة و الأحداث الدينية والسياسية والفكرية التي حدثت في مختلف دول العالم في القرون الماضية بداية من عام 1600 ميلادية، لعبت دورا رائدا في ظهور المدارس المختلفة التي يمكن تحديدها في المدرسة الكلاسيكية، والمدرسة الواقعية، والمدرسة التجريدية، والمدرسة السيريالية، والمدرسة المستقبلية، والمدرسة الرومانسية، والمدرسة الوحشية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.