HEEC … صرخة لحماية تراث مراكش ودكار في لقاء فكري مؤثر.
تحت شعار “ذاكرة المدينة للمحافظة على تراثها الثقافي”، استضافت المدرسة العليا للدراسات الاقتصادية والتجارية والهندسية (HEEC) بمراكش صباح يوم السبت 18 أكتوبر الجاري، ندوة ثقافية استثنائية هزت الوعي العام بضرورة صيانة الإرث الثقافي والتاريخي لمدينتي مراكش المغربية ودكار السنغالية. اللقاء لم يكن مجرد محاضرة عابرة، بل كان ملتقى فكريا وثقافيا عميقا يهدف إلى ترسيخ الوعي بتاريخ المدينتين وتراثهما الضارب في القدم.
حضر الندوة ثلة من أبرز الباحثين والمتخصصين في التراث المغربي، يتقدمهم الأستاذ حسن المازوني، رئيس مركز ذاكرة مراكش للتراث والثقافة، والدكتورة فاطمة الجبراتي، وكذلك الفاضل بنحيون مدني أستاذ جامعي بكلية الحقوق بمراكش إلى جانب وفد مهم من دولة السنغال الشقيقة، وعدد غفير من الطلبة الجامعيين الذين أظهروا تعطشا لهذا النوع من المعرفة التي تتجاوز أسوار المناهج الأكاديمية التقليدية.

تزامن هذا الحدث البارز مع حفل توقيع كتاب “في ظل بنتنة: ميلاد شغف بالمدينة” للأستاذ الشيخ عمر الدجاميل من السنغال، وهو خريج قديم للمدرسة، ما أضفى على اللقاء بعدا شخصيا مؤثرا يربط بين الأجيال والأوطان عبر شغف مشترك بالمدينة وتاريخها.
في تصريح خاص لجريدة العربية.ما، أكد الدكتور مولاي أحمد العمراني، الرئيس الفعلي لـ HEEC، على الأهمية القصوى لهذا اللقاء، مشيرا إلى أنه يندرج ضمن اللقاءات الأساسية التي تمكن الطلبة من مرافقة المجتمع المدني والتعرف على كل ما يجري في الميادين الاجتماعية والاقتصادية.

وأوضح الدكتور العمراني أن المحاضرة ركزت على “ذاكرة المدينة”، وكيف يمكن المحافظة على التراث الثقافي لمراكش، بمشاركة أساتذة ومتخصصين قدموا مداخلات قيمة. وتطرق اللقاء إلى دراسة سوسيولوجية هامة قام بها الأستاذ عمر الدجاميل حول الفرد المجتمعي داخل دكار، مقدما طروحات أساسية حول تطوير المدن ووضع استراتيجيات لتمكينها من مسايرة العصر.
وطرحت أسئلة جوهرية حول نجاح استراتيجيات التطور في مراكش ودكار، وحول ضرورة الموازنة بين تطوير التراث والمحافظة عليه، وهل يجب أن ننخرط في مفهوم “المدن الذكية” في استراتيجية التطور. وشدد الدكتور العمراني على نجاح اللقاء، معبرا عن أمله في أن يكون الطلبة قد حصلوا على عدد وافر من المعلومات في هذا الميدان الثقافي الجديد.

من جهته، عبر السيد حسن المازوني، رئيس مركز ذاكرة مراكش للتراث والثقافة، عن سعادته بهذا المحفل الثقافي الذي كان توقيع الكتاب أرضية لنقاشاته. وكشف المازوني أن اللقاء كان تتويجا لتوقيع اتفاقية شراكة استراتيجية مع المدرسة العليا، بقيادة الدكتور مولاي أحمد العمراني، تهدف إلى “الحفاظ على إبداعات فكرية وثقافية” تتمحور حول تراث مراكش المغربية ودكار السنغالية.
وشدد المازوني على أن الحديث عن التراث لا يقتصر على العمران بل يشمل “التراث اللامادي”، مؤكدا أن هذه الشراكة هي ثمرة مجهودات ولقاءات مدروسة، وأن الإرادة التاريخية للمركز والمدرسة العليا HEEC ستساهم معا في مشاريع فكرية وثقافية تتجاوز مراكش إلى محيطها وإلى المغرب عامة.

تؤكد هذه الفعالية المحورية على الدور المركزي للمؤسسات التعليمية، كـ HEEC، في الانفتاح على الثقافة والتاريخ المحلي والمساهمة في حفظ “ذاكرة المدينة”. إن “ميلاد شغف بالمدينة”، كما يشير عنوان الكتاب، ليس مجرد عبارة، بل هو دعوة مفتوحة لكل باحث وطالب وعامة الجمهور لحضور لقاء يزاوج بين المعرفة الأكاديمية والشغف الوجداني بتراب مراكش العريق وإرثها الثقافي. إن الذاكرة هي نبض المدن، وحمايتها واجب وطني وإنساني يقع على عاتق الجميع.



















