مطلب تخفيض الضريبة على الدخل في المغرب: بين الحق الجبائي والضرورة الاقتصادية

31 مارس 2024
مطلب تخفيض الضريبة على الدخل في المغرب: بين الحق الجبائي والضرورة الاقتصادية

تصاعدت في الآونة الأخيرة المطالب بتخفيض الضريبة على الدخل في المغرب، وذلك في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد، والتي أثرت بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة الطبقة المتوسطة والأجراء.

ويرى العديد من الباحثين في الاقتصاد أن هذا المطلب يعتبر “حقا جبائيا” ظل مهضوما لسنوات، في ظل غياب “العدالة الضريبية” في المغرب. ويشيرون إلى أن “الاختلال” في “الميزان الجبائي” أدى إلى تحمل الطبقة المتوسطة والأجراء العبء الأكبر من الضرائب، نتيجة التهرب الضريبي الذي يمارسه البعض، فضلا عن انخراطهم في أداء ضرائب أخرى كضريبة القيمة المضافة وضريبة الاستهلاك.

مطلب راهني لإنصاف الطبقة المتوسطة

يعتبر عمر الكتاني، الباحث في الاقتصاد، أن مطلب تخفيض الضريبة على الدخل “راهني” بالنظر إلى معاناة شريحة واسعة من المغاربة من التضخم والضغط الضريبي. ويشدد على أن معالجة هذه الضريبة بشكل يصب في صالح الطبقة المتوسطة من شأنه أن يساهم في رفع قدرتها الشرائية المتضررة، وبالتالي تحريك عجلة الاقتصاد الوطني.

ويضيف الكتاني أن “الضريبة على الدخل تعد من المصادر الأساسية التي تجلب موارد ضريبية كبيرة للدولة، نتيجة غياب العدالة الجبائية وتفشي التهرب الضريبي”. ويرى أن “تخفيض هذه الضريبة سيساهم في خلق توازن بين العرض والطلب، ويرفع من نسبة الاستبناك والسيولة الموجودة في الأبناك، مما سيكون له دور مهم في تحريك الاقتصاد الوطني الذي تضرر بشكل كبير جراء الأزمات المتتالية”.

تنفيس اقتصادي وتحريك للنمو

يتفق ياسين عاليا، الباحث في الاقتصاد، مع الرأي القائل بأن “تخفيض الضريبة على الأجور إلى أقل مستوياتها له أثر إيجابي في الرفع من مدخول الفاعلين الاقتصاديين بشكل عام”. ويعتبر أن هذا المطلب “ملح ويدخل في إطار الإصلاحات الضريبية” التي ينتظر أن تشهدها منظومة التضريب في المغرب.

ويشير عاليا إلى الصعوبات التي تواجهها الطبقة المتوسطة في المغرب، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار وموجات التضخم، مؤكدا أن تخفيض الضريبة على الدخل سيشكل “تنفيسا” لهذه الفئة، وسيعزز قدرتها على الادخار والاستثمار، وبالتالي تحريك القدرة الشرائية والنمو الاقتصادي.

الحكومة تدرس مراجعة الضريبة على الدخل

أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى بايتاس، في دجنبر 2023، عن عزم الحكومة مراجعة الضريبة على الدخل من أجل الرفع من أجور الموظفين والأجراء. وأوضح أن “هذا الإجراء سيتم تنزيله سنة 2025، على أن ينطلق تدارسه خلال مناقشة قانون مالية المقبل”.

ويبقى السؤال مطروحا حول مدى استجابة الحكومة لهذا المطلب، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد. فهل ستقدم الحكومة على هذه الخطوة لتحقيق العدالة الضريبية وإنعاش الاقتصاد الوطني؟

تحديات تواجه تخفيض الضريبة على الدخل

على الرغم من الإيجابيات التي يمكن أن تترتب عن تخفيض الضريبة على الدخل، إلا أن هناك بعض التحديات التي تواجه هذا الإجراء، والتي يجب أخذها بعين الاعتبار:

تراجع مداخيل الدولة: من شأن تخفيض الضريبة على الدخل أن يؤدي إلى تراجع مداخيل الدولة، وهو ما قد يؤثر على قدرتها على تمويل الخدمات العمومية والبرامج الاجتماعية.

زيادة عجز الميزانية: في ظل ارتفاع الدين العام، قد يؤدي تخفيض الضريبة على الدخل إلى زيادة عجز الميزانية، وهو ما قد يثير قلق المؤسسات المالية الدولية.

صعوبة استهداف الفئات الأكثر احتياجا: قد يكون من الصعب استهداف تخفيض الضريبة على الدخل للفئات الأكثر احتياجا، حيث أن النظام الضريبي في المغرب لا يزال يعاني من بعض الاختلالات.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.