في تطور جديد لملف “مركز بناصا” بمدينة سيدي قاسم، الذي أثار جدلًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والإعلامية، قامت لجنة إقليمية مختلطة، برئاسة باشا المدينة، بزيارة ميدانية صباح يوم الجمعة 25 يوليوز 2025 للموقع للوقوف على طبيعة الأنشطة التي تُمارس بداخله، والتي أثارت شُبهات قوية بتحويل المشروع عن أهدافه الأصلية ذات الطابع الاجتماعي.
وخلصت اللجنة، في تقريرها الأولي، إلى التوصية بإيقاف فوري لكافة أنشطة المركز، بعد تسجيل خروقات واضحة تتعارض مع الغرض الذي أُحدث من أجله، خاصة في ظل استغلاله لإحياء سهرات ليلية صاخبة تسيء إلى سمعة المدينة وتمس رمزية المشروع الملكي.
وقد عُهد لرئيس المجلس الجماعي بسيدي قاسم بتفعيل القرارات الصادرة عن اللجنة، واتخاذ ما يلزم من إجراءات تنظيمية وإدارية لفرض احترام القانون وشروط الاستغلال المنصوص عليها في دفاتر التحملات.
وأفادت مصادر مطلعة لجريدة العربية.ما أن اللجنة أنجزت محضرين رسميين خلال زيارتها الميدانية، حيث تضمن المحضر الأول معاينة مجموعة من خروقات التعمير المرتكبة داخل المؤسسة، بينما ركز المحضر الثاني على رصد خروقات تتعلق برخص الاشتغال، والإيواء، والمطعمة. وأضافت نفس المصادر أن من بين أهم الملاحظات التي تضمنها التقرير، أن المؤسسة تزاول بشكل فعلي أنشطة مرتبطة بالإيواء والمطعمة والسياحة، دون التوفر على أي ترخيص قانوني صادر عن الجهات المختصة، وهو ما يُعد خرقًا سافرًا للمساطر الإدارية والقانونية المعمول بها، ويطرح علامات استفهام كبيرة حول كيفية استمرار هذا النشاط في ظل غياب التأطير القانوني المطلوب.
كما علمت العربية.ما أن الفندق لا يحترم الشروط الصحية الأساسية، حيث تم تسجيل عدة اختلالات تتعلق بالنظافة والسلامة، ومن المرتقب أن يُنجز تقرير مفصل من قبل المصالح المختصة حول الوضع الصحي والبيئي للمؤسسة، سيتم رفعه للسلطات المعنية خلال الأيام المقبلة.
وفي هذا السياق، يتساءل متتبعو الشأن المحلي والوطني: أين كانت أجهزة الرقابة طوال هذه الفترة؟ وكيف لمؤسسة تعمل في المجال السياحي أن تستمر في نشاطها لأزيد من سنتين دون أي تراخيص قانونية؟ هذا التساؤل المشروع يعيد إلى الواجهة إشكالية ضعف المراقبة، من طرف بعض الجهات الإدارية.
هذا التحرك يأتي بعد شهور من الجدل والغموض الذي لف هذا الملف، ووسط ترقب وطني كبير، لا سيما بعد دخول المجلس الأعلى للحسابات على الخط، وتحريك بحث معمق من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بالنظر لحجم التجاوزات وشبهات الفساد التي تحيط بالمشروع.
عدد من الفعاليات الحقوقية والمدنية اعتبرت أن هذه التطورات تشكل فرصة حقيقية لكشف الحقيقة ومساءلة كل من ساهم في تحويل مشروع ملكي إلى نشاط تجاري وترفيهي غير قانوني، مؤكدين أن الأمر لا يتعلق بحالة معزولة، بل بشبكة فساد متغلغلة تستوجب تفكيكها بكل حزم وربط المسؤولية بالمحاسبة.