إعفاء قائد الملحقة الإدارية بالحي الحسني في ظل ارتباطه بقضية عبد الإله.
أثار قرار إعفاء قائد الملحقة الإدارية بالحي الحسني بمدينة مراكش جدلًا واسعًا، حيث تباينت الآراء حول خلفيات القرار وأبعاده القانونية، خاصة في ظل ارتباطه بقضية عبد الإله، المعروف إعلاميًا بـ “مول الحوت”. فهل جاء هذا القرار استجابة لمطالب الشارع، أم أنه مجرد إجراء لامتصاص الغضب الشعبي دون معالجة جوهر القضية؟
بدأت فصول القضية عندما تم تداول أخبار تفيد بتعرض “مول الحوت” للاحتجاز لساعات دون مبرر قانوني، وهو ما اعتبره رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، فعلًا مخالفًا للقانون الجنائي يستوجب فتح تحقيق قضائي لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات.
وقد زاد استقبال والي جهة مراكش-آسفي لـ “مول الحوت” ومحاولة إيجاد حل لوضعيته من الاهتمام بالقضية. غير أن هذه الخطوة، رغم إيجابيتها، لا ينبغي أن تكون بديلًا عن تحقيق شامل يكشف الحقيقة الكاملة حول ما حدث.
في ظل هذه المعطيات، يبرز تساؤل أساسي حول ما إذا كان القائد المعفى هو المسؤول الوحيد عن التجاوزات التي وقعت، أم أن القرار جاء فقط لتهدئة الرأي العام دون مساءلة باقي المسؤولين. فهل كان تحرك اللجنة المختلطة التي أغلقت محل “مول الحوت” بعد الضجة الإعلامية قرارًا عادلاً؟ ولماذا لم تتم نفس الإجراءات قبل انتشار القضية؟ وهل تخضع جميع محلات بيع السمك في مراكش لنفس المعايير الرقابية، أم أن هناك انتقائية في تطبيق القانون؟
ويرى كثيرون أن العدالة الحقيقية تتطلب ربط المسؤولية بالمحاسبة بشكل جدي، وليس الاكتفاء بإعفاء مسؤول إداري دون اتخاذ إجراءات ضد الجهات التي قد تكون ضالعة في المضاربة ببيع السمك أو التي تستغل نفوذها للإفلات من الرقابة والعقاب.
فإذا كانت السلطات جادة في مكافحة الفساد والاحتكار، فمن الضروري أن يشمل التحقيق جميع الفاعلين في القطاع، بدلًا من التضحية بصغار الموظفين لإثبات أن الدولة تقوم بواجبها. فالشعب سئم من سياسة “أكباش الفداء” ويطالب بمحاسبة الحيتان الكبيرة التي تتلاعب بقوت المواطنين وتحتمي بظل السلطة.
وتعيد هذه الواقعة طرح مسألة الشفافية في عمل اللجان الرقابية، حيث إن تطبيق القانون بشكل انتقائي، وفق المصالح والاعتبارات، يهدد ثقة المواطنين في المؤسسات ويؤجج مشاعر الظلم. ولذلك، فإن وزارة الداخلية مطالبة بتقديم إجابات واضحة للرأي العام حول ملابسات ما وقع، وضمان أن تكون المحاسبة شاملة وعادلة، حتى لا يتحول شعار “ربط المسؤولية بالمحاسبة” إلى مجرد وسيلة لتهدئة الأوضاع دون تحقيق عدالة حقيقية.