ملعب مُتهالك في عين السبيت تقادمت عليه السنون فأصبح صالحًا لكل شيء إلا لكرة القدم، الأرضية مهترئة وغير صالحة لممارسة الرياضة، الأحجار تملأ الساحة، وأكوام من الأتربة تغطي جوانب الملعب، نفايات هنا وهناك، وقطع الزجاج متناثرة في كل مكان. الأسلاك ناتئة تشير إليك من بعيد وتقول لك: ها أنا هنا .. أجزاء من الملعب تهدمت وصار لكل جدار باب أو ثقب كبير يختصر المسافة على الجمهور واللاعبين، ومنه تأخذ الكرة جولة داخل بيوت الساكنة أو المحلات والدكاكين.
إذا أردت معرفة درجة اهتمام المجالس المنتخبة بالرياضة فانظر إلى ملاعبها، هذا إن وُجدت أصلا.
الرياضة ليست ترفًا، لكن هناك في جماعة عين السبيت من يراها كذلك. والدليل على هذه الدعوى هو غياب الاهتمام من طرف المجلس الجماعي وعدم إبدائه رغبة في النهوض بها. ويعزز من هذا القول غياب رؤية واضحة في تبني برنامج عمل شمولي حقيقي وواقعي يعطي أهمية لمحور الرياضة كجزء من التنمية المحلية.. لأن معظم برامجها لا تعكس انتظارات المواطنين ولا تعبر عن رغباتهم الحقيقية، لأنها في نهاية المطاف من وحي مكتب دراسات لم يكلف نفسه حتى الاستماع لأفكار ومقترحات الساكنة المحلية والجمعيات النشيطة.
ونحن على أبواب رمضان المبارك، هناك دائماً مبادرات تخرج لتنظيم دوري كرة القدم. وأمام افتقار الجماعة لملاعب قرب مجهزة وتخضع للشروط اللازمة لممارسة هذه الرياضة، وفي ظل غياب البديل، يختار شباب عين السبيت، مرغمين، الطرقات والشوارع ساحات للعب. وإن كانت تشكل خطراً عليهم، فهي تبقى أفضل من ملعب البرنامج الاجتماعي الذي فقد كل شروط اللعب.
إن أسوء عدوّ للإنسان الفراغ ، فهو يقتل استعداده للفعل الإيجابي ويجعله نهبا للأفكار السلبية وبالتالي تعطيل طاقاته الخلاقة وحرمانه الفاعلية. ومن هنا ينشأ الانحراف ويبدأ التعاطي للممنوعات بغرض التعويض ومداراة الشعور بالدونية عن طريق التحول إلى ما يشبه تأكيد حضور الذات وخلق عالم جديد مختلف عن الواقع تماماً ، والتعامل مع المشاكل النفسية والاجتماعية بنمط الهروب الذاتي الداخلي الذي يتم تصريفه على شكل سلوك منحرف إما بجلد الذات وتعذيبها أو الاعتداء على الآخر بسرقة أشيائه أو تعريضه لأذى جسدي ونفسي.
لدور العبادة والشباب والثقافة أدوار مهمة في كبح جموح الذات المنفلتة من عقال الضوابط الوجدانية والقانونية ، غير أنه من شأن توفير المرافق الرياضية والشروط اللازمة لممارستها يعين على تهذيب النفوس وسموها ، بالإضافة إلى تفريغ الطاقة السلبية وتنشيط العقل وضبط الفكر.
ويبقى على عاتق الدولة مسؤولية توفير هذه المرافق لعموم الشباب وجعلها في متناولهم ، لأن الحد من الإنحرافات السلوكية رهين بالقضاء على أسبابها ، ولعل دعم إحداث ملاعب قرب من الوسائل المهمة الكفيلة بتحقيق هذه الغاية، ولا يكون الغرض الأسمى تضخيم الاهتمام بالكرة لتصبح في قمة الأولويات وتتحول إلى أفيون يذهب العقل ويصرف النظر عن القضايا الكبرى ذات الأولوية وإنما بالقدر الذي يحقق التوازن النفسي والاجتماعي للشباب فلا يتحولون بعده إلى ما قد يؤثر على صحتهم ويضر مصلحتهم.