جماعة العرائش تغرد خارج السرب: حينما تُهمل الأولويات ويُهدر المال العام

18 مارس 2025
جماعة العرائش
العربية.ما - أنوار العسري

في وقت تعاني فيه مدينة العرائش من أزمات متراكمة ومشاكل بنيوية خانقة، يبدو أن جماعة العرائش اختارت عن قصد أن تغرد خارج السرب، غير مبالية بهموم المواطنين ومعاناتهم اليومية. المدينة، التي ترزح تحت وطأة ضعف البنية التحتية، وانتشار دور الصفيح، وكذا الوضعية المزرية للمستشفى الإقليمي لالة مريم الذي أصبح مصدر استياء عارم بين الساكنة، كان الأجدر بمسؤوليها أن ينكبوا على معالجة هذه الملفات الحارقة بدل الانشغال بأنشطة هامشية لا تخدم إلا الواجهة والصورة.

مؤخراً، وبينما ينتظر السكان من الجماعة حلولاً عملية تلامس واقعهم، تفاجأ الجميع بتنظيم الأخيرة لأنشطة ثقافية واحتفالات لا تتماشى مع المزاج العام ولا مع حجم الأزمات، بل تزيد من تعميق الفجوة بين المسؤول والمواطن. فمن جهة، نجد الجماعة تتراقص على وقع المعاناة بتنظيم تظاهرات ولقاءات استعراضية، ومن جهة أخرى، لا تتردد في إقامة موائد إفطار ممولة من المال العام، في مشهد يعكس انفصاماً واضحاً عن واقع الساكنة واحتياجاتهم الحقيقية.

إن ما تقوم به جماعة العرائش اليوم، هو تجاهل صارخ لمسؤولياتها الأساسية، وضرب لكل قيم الحكامة الجيدة عرض الحائط. فبدل التركيز على وضع خطط استراتيجية لإعادة تأهيل البنية التحتية، ومعالجة أزمة السكن غير اللائق، وتحسين الخدمات الصحية المتردية، تنشغل الجماعة بأمور ثانوية لا تسمن ولا تغني من جوع، لتكرّس بذلك سياسة الهروب إلى الأمام.

وما يزيد الوضع قتامة، أن هذه الممارسات تأتي في ظل استنزاف لمالية الجماعة، في وقت تعاني فيه العديد من المشاريع التنموية من الجمود والتأجيل بدعوى ضعف الموارد. وهنا يطرح السؤال نفسه بإلحاح: كيف يُعقل أن تُخصص اعتمادات ضخمة للأنشطة الاحتفالية، بينما تقبع الأحياء الهامشية في عزلة وتخلف، وتعاني المستشفيات من نقص التجهيزات والأطر الطبية؟

إن ساكنة العرائش اليوم، وهم يرون مدينتهم تئن تحت وطأة الفقر والتهميش، أصبحوا يدركون جيداً أن من يُفترض فيهم الدفاع عن مصالحهم قد خانوا العهد، وتناسوا أن المناصب تكليف لا تشريف.

ختاماً، نقولها بوضوح: جماعة العرائش تعيش حالة انفصال تام عن هموم المواطنين، والمسؤولون أبانوا عن عجز واضح في تحمل مسؤولياتهم التاريخية. ولعل الوقت قد حان ليدق المجتمع ناقوس الخطر، ويطالب بتغيير حقيقي يعيد للعرائش اعتبارها وحقها في العيش الكريم.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.