“عملية حوت بثمن معقول: تجارة رابحة أم تجاوز للقانون؟”

27 فبراير 2025
السردين
العربية.ما - الرباط

في ظل ارتفاع الطلب على المنتجات البحرية خلال شهر رمضان المبارك، برزت مبادرة “حوت بثمن معقول” كواحدة من المشاريع التي تستهدف توفير الأسماك بأسعار مناسبة للأسر المغربية. غير أن هذه العملية أثارت جدلًا واسعًا، خاصة فيما يتعلق بالجهة المنظمة لها، ومدى التزامها بالقوانين المنظمة لقطاع الصيد البحري، مما يفتح باب التساؤلات حول الغايات الحقيقية وراءها.

ورغم أن المبادرة تبدو ظاهريًا خطوة إيجابية لدعم القدرة الشرائية للمواطنين، إلا أن بعض المتابعين كشفوا عن جوانب غامضة تحيط بها، خصوصًا من حيث تأثيرها على المالية العامة. فقد أشارت مصادر متطابقة إلى أن أطنان الأسماك التي يتم بيعها في إطار هذه العملية لا تخضع للواجبات الجمركية المحددة من طرف المكتب الوطني للصيد البحري، مما يحرم خزينة الدولة من مداخيل هامة تقدر بالملايير.

ومن النقاط المثيرة للقلق أيضًا، أن الأسماك المعروضة للبيع لم تمر عبر بروتوكول المراقبة الصحية المعتاد، حيث يتم تسويقها اعتمادًا على التراخيص الصحية الخاصة بالمراكب، بدلًا من التراخيص الخاصة بالمعامل، وهو ما يتعارض مع القوانين المغربية المنظمة لهذا القطاع. هذا الأمر يثير مخاوف مشروعة بشأن جودة وسلامة المنتجات البحرية التي يتم عرضها للمستهلكين.

المثير في نسخة هذا العام، أن الجهة المنظمة عمدت إلى تعليق لافتات توحي بأن وزارة الصيد البحري هي الجهة الرسمية المشرفة على العملية، مما يطرح علامات استفهام حول مدى تورط الوزارة في دعم هذه المبادرة التي تعود بالنفع على بعض الفاعلين داخل القطاع، خاصة المنتمين لحزب التجمع الوطني للأحرار. فهل يتعلق الأمر بتسهيلات ممنهجة لفئة معينة من مجهزي مراكب الصيد في أعالي البحار؟

والأخطر من ذلك، أن العملية هذه السنة لم تقتصر على خروقات مالية وصحية فحسب، بل امتدت إلى عرض الأسماك في الشوارع العامة دون التوفر على التراخيص القانونية اللازمة، وهو ما قد يضر بسمعة الوزارة الوصية على القطاع، خاصة أن هذه الخطوة تعكس غياب التنظيم والتخطيط المحكم لمثل هذه المبادرات التي يفترض أن تخدم الصالح العام لا مصالح جهات بعينها.

وفي ظل هذا الوضع، يبقى السؤال المطروح: هل ستتدخل الجهات الرقابية لوضع حد لهذه التجاوزات وضمان احترام القوانين المنظمة للقطاع؟ أم أن المبادرة ستستمر بنفس النهج، مما يعزز هيمنة فئة معينة على الثروة السمكية الوطنية؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.