الانتخابات الرئاسية الجزائرية: بين خروقات وعزوف شعبي

تبون يفوز والأوراق البيضاء تنتصر

11 سبتمبر 2024
الانتخابات الرئاسية الجزائرية: بين خروقات وعزوف شعبي
العربية.ما - العربي حجاج

مرّت الانتخابات الرئاسية الجزائرية لعام 2024 بهدوء نسبي على الساحة الدولية، لكنها أثارت موجة من الانتقادات والاتهامات داخل الجزائر. بالرغم من إعلان السلطة المستقلة للانتخابات عن فوز الرئيس المنتهية ولايته عبد المجيد تبون بنسبة تقارب 95%.

واعتبرت العديد من الأطراف الداخلية والخارجية أن الانتخابات كانت “مهزلة” تفتقر إلى النزاهة والمصداقية. حيث أشارت الفيدرالية الصحافية في البيرو، في تقرير مثير للجدل، إلى أن الأوراق البيضاء هي الفائز الحقيقي في هذه الانتخابات، مؤكدة رفض قطاعات واسعة من الجزائريين لهذا الاستحقاق.

 شكاوى المعارضة: اتهامات بالتزوير وعزوف عن الاعتراف بالنتائج

منذ الإعلان عن النتائج، لم تتوقف الانتقادات الموجهة لسلطة الانتخابات في الجزائر. وكان من أبرز المنتقدين “عبد العالي حساني شريف”، رئيس حركة مجتمع السلم الإسلامية، حيث قدم طعناً رسمياً في النتائج، زاعماً امتلاك حركته أدلة واضحة تثبت وجود تناقضات في النتائج المعلنة، سواء فيما يتعلق بنسب المشاركة أوبأعداد الأصوات المعلن عنها. حساني، في تصريحاته، ذهب إلى حد اتهام السلطات الانتخابية بتزوير نتائج الانتخابات لصالح الرئيس المنتهية ولايته، مما يزيد من عمق الأزمة السياسية في الجزائر.

نسبة المشاركة المتدنية: عزوف جماهيري كبير

بحسب ما أوردته فيدرالية الصحافيين في البيرو، فإن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الجزائرية كانت منخفضة للغاية. والأرقام الرسمية تشير إلى أن نسبة المشاركة بلغت 48.03% داخل الجزائر و19.57% في الخارج، لكن بعض المصادر المحلية أكدت أن النسبة الحقيقية كانت أقل من ذلك بكثير في العديد من المناطق، حيث تراوحت بين 1% و4%. وهذه الأرقام تعكس حالة من عدم الثقة العميقة في العملية الانتخابية لدى الشعب الجزائري، إذ يبدو أن جزءاً كبيراً من المواطنين قرر التعبير عن رفضه بالامتناع عن التصويت أوالتصويت بأوراق بيضاء.

الأوراق البيضاء: رسالة قوية ضد النظام القائم

في سياق مشابه، أشارت الفيدرالية في تقريرها إلى أن الأوراق البيضاء قد تكون الفائز الحقيقي في هذه الانتخابات. حيث أظهرت النتائج أن عدد الأوراق البيضاء تجاوز بشكل ملحوظ عدد الأصوات التي حصل عليها تبون. وهذا التصويت الاحتجاجي يعتبر بمثابة رفض شعبي واضح للانتخابات وللنظام السياسي القائم، ويعكس حالة من السخط والرفض العام لدى شريحة كبيرة من المواطنين. كما أن هذه الرسالة التي وجهها الجزائريون من خلال صناديق الاقتراع، تعكس تزايد الفجوة بين الشعب والسلطة، وتطرح تساؤلات حول شرعية النظام القائم ومستقبله.

قمع الحريات وتراجع حقوق الإنسان

إلى جانب الانتقادات الانتخابية، وجّهت العديد من المنظمات الحقوقية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية “أمنستي”، اتهامات للسلطات الجزائرية بقمع الحريات والتضييق على النشاط السياسي والإعلامي. فخلال السنوات الأخيرة، شهدت الجزائر موجة من الانتهاكات بحق النشطاء والصحافيين، حيث تم اعتقال العديد منهم بتهم وصفتها المنظمات الحقوقية بأنها “مفبركة” وذات دوافع سياسية.

وقد اعتبرت “أمنستي” أن الجزائر شهدت تراجعاً كبيراً في مجال حقوق الإنسان، مشيرة إلى قيام السلطات بحلّ الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وإغلاق العديد من وسائل الإعلام المستقلة. هذه الإجراءات، التي جاءت في ظل حكم تبون، تعزز من صورة الجزائر كدولة تغرق في القمع وتواجه أزمة داخلية متفاقمة.

العزلة الدبلوماسية: الجزائر وسط نزاعات إقليمية ودولية

على الصعيد الخارجي، تطرق تقرير الفيدرالية إلى العزلة الدبلوماسية التي تعيشها الجزائر حالياً. فقد أثرت سياساتها الخارجية المرتبكة على علاقاتها مع العديد من الدول، بما في ذلك فرنسا والمغرب. التوتر بين الجزائر وفرنسا ازداد بسبب دعم باريس لمغربية الصحراء وتأييدها لمقترح الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب. وهذا التوتر يشير إلى أن الجزائر تجد نفسها في وضع معقد على الساحة الدبلوماسية الإقليمية والدولية، مما قد يؤثر سلباً على مستقبلها السياسي والاقتصادي.

مستقبل الجزائر السياسي تحت مجهر الشك

على الرغم من فوز عبد المجيد تبون بولاية ثانية بنسبة 94.65% من الأصوات، فإن هذا النصر لا يحجب التحديات العميقة التي تواجه الجزائر. فالعزوف الشعبي عن المشاركة في الانتخابات، والانتقادات المتزايدة حول نزاهة العملية الانتخابية، وقمع الحريات وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى العزلة الدبلوماسية، كلها عوامل تضع مستقبل الجزائر تحت مجهر الشك.

فهل ستتمكن الحكومة الجزائرية من تجاوز هذه التحديات وبناء “جزائر جديدة” كما وعد تبون؟ أم أن البلاد ستغرق أكثر في أزمات سياسية واجتماعية قد تؤدي إلى تفاقم الوضع؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف عن الإجابة.

المصدر العربية.ما
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.